كن أول من يكتب تعليقاً
أحلم بيوم أبارك فيه للمسيحي في عيده ويبارك لي بعيدي بمحبة خالصة بعيدا عن كل ما مارسه وروج له بعض من رجال دين من كل الطوائف، يتعانقون ويتكاذبون على أشلاء أطفال سوريا وشهداء سوريا ومعاناة السوريين الثائرين من أجل الحرية بعد أن باع رجال الدين هؤلاء دينهم وأرواحهم لشيطان سوريا؛ السفاح الأسدي الذي يحتل مع عصابته الطائفية سوريا منذ نصف قرن، أحلم بسوريا لنا جميعا كسوريين متساويين نعيش فيها كل حريتنا وإنسانيتنا و”سوريتنا” الفريدة التي بنتها خمسة آلاف عام من الحضارة الإنسانية والروحية اندمج فيها بحب كل من وطئ أرض الشام المباركة بعد ان وقع في حبها، “سوريتنا” الفريدة في فهمها لإسلامها ومسيحيته بكل طوائفهم، وكل قومياتها، “سوريانا” التي قامت الثورة لاستعادتها وتحريرها من أسرها، “سوريا” التي سنصل لها بإذن الله، أما ما يجري اليوم فدرب آلام لابد منه؛ فسوريا اليوم تتطهر من ذنوبها وصمتها، تتطهر بمعاناتها، تدفع الثمن مقدما لمستقبل رائع قادمٍ بإذن الله، “لتقوم” بعدها كما حلمت وحلمنا بها، وأحلام السوريين عادة تتحقق لأن الله معنا لا يخيب من بدأ ثورته تحت أعذب وأرقى شعار حملته ثورة مؤمنين طيبين أحرار وطنيين سوريين: “ما لنا غيرك يا الله”.
هي صورة التقطتها منذ سنوات في دمشق القديمة/باب شرقي، للكنيسة المريمية والمئذنة العمرية، حيث تجاور جامع وكنيسة بوداعة وألفة غير مزيفين منذ أكثر من ألف عام، وداعة وألفة عمل السفاح الأسدي وعصابته الطائفية على تدميرها بحجة حمايتها، لكنها ستعود بإذن الله، فسوريا لم تكن لتكون “سوريا” دون هذه الوداعة والألفة الأصيلة، فعندما أراد الوليد بن عبد الملك بناء الجامع الأموي فاوض مسيحيي دمشق ليعطوه مكان الكنيسة المعمدانية التي كانت تقوم إلى جانب جامع بناه المسلمون بعد فتح دمشق، فعرض عليهم دون قهر أو إجبار منتظراً موافقتهم التي لم يكن ليقدم على شيء بدونها: “نعوض عليكم عن كنيسة يحيى بكنيسة مريم”، فقد كانت “الكنيسة المريمية” قد أغلقت بعد أن ذهبت للمسلمين مع ما تم فتحه حربا من دمشق على يد خالد ابن الوليد، وبقيت الكنيسة المعمدانية مع بقي لأهله المسيحيين الدمشقيين مع نصف دمشق التي فتحت صلحاً على يد أبو عبيدة ابن الجراح، وأي فاتحين تصرفوا هكذا عبر التاريخ.
استجاب المسيحيون لعرض الوليد ابن عبد الملك مشترطين أن يبني لهم أيضاً عدة كنائس في دمشق وغوطتها، وكان لهم ما أرادوا، فبنى خليفة المسلمين الأموي الكثير من الكنائس، خليفة مسلمين مثل عهده واحدة من القمم المميزة للخلافة العربية الإسلامية؛ عهد أموي يحمل الطائفيون له ولدمشق والدمشقيين خاصة كل حقد تاريخي مريض لم يعودوا يخفوه، مذكراً إياهم هو ومن سبقه من خلفاء راشدين وأهل بيت الرسول؛ مذكرين إياهم بزوال إمبراطورتيهم المجوسية الفارسية؛ إمبراطورية الحقد الأسود والظلم الكبير والخيلاء الفارغة التي سقطت تحت أقدام عمر الفاروق وعلي آل البيت وعثمان جد الأمويين.
بنى لهم خليفة المسلمين “الأموي” من بيت مال الدولة العديد من الكنائس في دمشق وغوطتها بقيت كلها حتى اليوم شاهداً صادقاً بوجه كل أكاذيب الطائفيين، وبنى من نفس الخزينة الجامع الأموي، كنائس ظلت منذ ألف وأربعمائة عام قائمة وربما كانت “الكنيسة المريمية” من أهمها حيث قام الخليفة الأموي الراشد عمر بن عبد العزيز بإكمال ما بدأه الوليد بن عبد الملك ببنائها بشكل كامل وبديع من بيت مال الدولة، كنيسة تعرضت لأحداث كثيرة لكنها كانت تعود أكبر وأجمل مما كانت، كنيسة الرئاسة الروحية للمسيحيين الشرقيين الأرثوذوكس التي وُجد إلى جانبها مسجد صغير كان يسمى بالمسجد العمري، ذهب عند توسيع الطريق منذ فترة لكن بقيت مئذنته “المئذنة العمرية” إلى جانب أختها “الكنيسة المريمية” كشاهدٍ ورمزٍ لسوريا التي نحب ونرغب ونحلم وقامت ثورتنا من أجلها.
“عيد ميلاد سعيد نقي آمن حر سوري” لكل إخوتي المسيحيين الأحرار السوريين من سوريا النبيلة الأسيرة الجريحة، من عرفت منهم ومن لم أعرف، من أحرق منهم السفن ملتحقين بثورة الحرية، ومن لا زالوا يحلمون بلحظة الخلاص والحرية التي شاركونا بها بصمت فرضته ظروف ومخاوف وفوضى أوصلنا لها النظام الأسدي الطائفي… أعايدهم جميعا عبر روح “باسل شحادة” المرحة، وروح “الأب باولو” النقية، وروح “الأب فرانسيس” الطاهرة، وروح كل مسيحي بذل ما يستطيع من أجل سوريا الحرة … أحب أن أراهم من خلال هذه الأرواح وأعايدهم من خلالها، فلا جلاد يستطيع أن يؤذي روحهم بعد الآن وقد باتت في أحضان خالقها رب المحبة والرحمة ورب كل العالمين.
أعايدهم في سوريا وفي المنافي حيث بات كثيرٌ من السوريين، وأحلم معهم بيوم ميلاد تلبس فيه سوريا ثوبها الأحمر والأبيض … عيد أحمر وأبيض، أحمر بلون قوس قزح السوري لا بلون دمائنا التي يحتفل بها الطائفي السفاح ومؤيديه، وأبيض بلون الثلج النقي لا بلون وجوه الأشباح الحاقدة الطارئة التي غزت سوريا الجميلة قبل نصف قرن، وتلك الأشباح التي غزتها اليوم … أعايدهم وأحلم معهم بيوم ميلاد قادم لا شك فيه، تُضاء فيه كل سوريا ولكل السوريين بألوان قوس قزح، فسوريا لها أثواب ملونة عديدة لكل موسم محبة، إسلامي أو مسيحي أو إنساني أو وطني، واليوم هو موسم الميلاد؛ موسم الأحمر والأبيض.
فواز تللو – مركز آفاق مشرقية - برلين / ألمانيا
25/12/2020
المادة المنشورة تعبر عن رأي الكاتب ولا يتبناها بالضرورة مركز آفاق مشرقية، ويتحمل الكاتب المسؤولية القانونية والعلمية لمضمون هذه المادة.