كن أول من يكتب تعليقاً
في اجتماع توحيد المعارضة السورية في القاهرة 20/06/2012 بدعوة من الجامعة العربية، حضر ممثلان عن هيئة التنسيق قادمان مباشرة عبر مطار دمشق، هما محمود مرعي عضو حزب حسن عبد العظيم، وميس كريدي التي كانت تصنف نفسها كناشطة حقوق إنسان تعمل مع محمود مرعي .. الاثنان كانا موضع شك وريبة من قبل الناشطين حيث كانا يراقبان (ولا يشاركان) المظاهرات السليمة بحجة رصد حقوق الانسان.
يجدر بالذكر ان محمود مرعي كان قد اعتقل في 2006 لبضعة أيام على خلفية توقيع وثيقة "بيروت دمشق" التي وقعها المئات من الشخصيات اللبنانية والسورية، حيث اعتقل إلى جانب محمود حسين وميشيل كيلو بينما توارى سليمان الشمر عن الانظار وصدر حكم غيابي بحقه لم ينفذ أبداً وعاد الرجل للنشاط لاحقاً وحتى اليوم من داخل سوريا .. كيلو حسين تم الحكم عليهما وسجنهما لعامين ونصف، بينما زار حسن عبد العظيم مرعي في معتقله لدى المخابرات ليطلق سراحه بعد يومين من احتجازه ويصدر بياناً يعتذر به بأنه لم يكن مدركاً للتوجه غير الوطني للوثيقة، ومن يومها بات معتمداً كمحامي حقوق إنسان لا تمسه أجهزة المخابرات بقدرة قادر.
بعد اجتماع القاهرة الذي كان مقدمة لتأسيس الائتلاف، بقي الاثنان هناك يتنقلان بين القاهرة واستنبول يمارسان نشاطاً غير مفهوم سوى التشكيك بالثورة وأهدافها، ولا أزال أذكر لقاءً تلفزيونيا استضافهما فيه في الاستوديو سمير متيني على قناة سوريا الغد بينما كان الضيف الثالث هو الإعلامي هادي العبد الله عبر السكايب من جبهات القتال في سوريا، يومها قام الاثنان بالتهجم على الإعلامي هادي العبد الله بشراسة وحقد شديدين وسط ذهوله وحيرته وهو غير العارف بخلفيتهما إلا كمعارضين مخضرمين سياسييا معارضان للنظام، متهمين هادي العبدالله حتى بثوريته مقابل ثوريتهما الكبيرة.
خلال سبعة أشهر تلت تأسيسه في 11/2010، فتح النقاش حول توسيع الائتلاف الوطني المعارض، وعلى مدى شهرين جرت استبدالات وتعيينات محدودة فيه خاصة في الشهر الأول في مقايضات وصفقات لم تكن قد حسمت بعد، يومها ونتيجة غياب صوتي سياسياً بسبب التركيز على شخوص الائتلاف، طلبت دخول الائتلاف بعد حوالي ثلاثة أشهر من تأسيسه عبر أصدقاء كانوا من أعضائه وكانت تلك الأولى والأخيرة التي أطلب فيها ذلك (ولتفاصيل ذلك مقام آخر)، وكان الرد ملخصاً بعيداً عن المجاملات بأن الائتلاف نادٍ مغلق، وهو أمر ثبت عدم صحته في التعيينات التي سبقت، وبعد شهر من ذلك (أي في الشهر الرابع من عمر الائتلاف) حيث اشتد الحديث الجدي عن توسيع الائتلاف لأرى على رأس القائمة منذ ذلك اليوم ممثلاً لتجمع مستحدث يدعى "سوريون" هو عضو هيئة التنسيق بسام الملك الذي يقود هذا التجمع المؤلف من ثلاثة أشخاص فقط هم جميعاً من أعضاء هيئة التنسيق: بسام الملك إضافة لمحمود مرعي وميس كريدي، وبعدها بشهرين وعند مناقشة التوسيعات النهائية كان هناك بضعة أشخاص فقط على رأس القائمة وقد توافق عليهم دون اي خلاف جميع اعضاء الائتلاف دون استثناء أو اعتراض لأي عضو ائتلاف، وكان ممثل "تجمع سوريون أبو ثلاثة" من ضمن هؤلاء الثمانية .. لاحقاً تم توسيع الائتلاف بشكل أكبر بكثير إرضاءً للمحاصصات الشخصية بين الجميع برعاية الدول التي قررت كل منها حصتها في الائتلاف، طبعاً دون المساس بهذه الشخصيات "الوطنية" الفذة الثمانية وعلى رأسهم ممثل تجمع "سوريون" المؤثر!!!، بينما وعلى التوازي رفضت شخصياً حضور مؤتمر تأسيس ومن ثم الانضمام لتجمع تم تأسيسه قبيل التوسعة كثمن لدخولي التوسعة التي نال هذا التجمع منها ما يزيد عن عشرين مقعداً علماً أنه قد أسس لهذا الغرض حصراً أي دخول الائتلاف، كما لم أكن في قائمة العراك التي رافقت التوسعة (خلاف الثمانية المتفق عليهم من قبل الجميع) والتي شارك فيها الجميع دون استثناء في الائتلاف السابق بمن فيهم من كنت أدعوهم بالأصدقاء والشركاء (ولتفاصيل ذلك مقام آخر أيضاً) ليرتفع العدد من 60 إلى 120 عضواً في الائتلاف.
جميع أعضاء الائتلاف قبل التوسعة وبعدها، ممن رافق مسيرة "تجمع سوريون أبو ثلاثة" كما دعوته أنا (نسبة لعدد أعضائه الثلاثة فقط)، الجميع كانوا يعرفون وبعضهم كان ممن يعلم وينسب بتأكيد إلى مرعي وكريدي دورهم (بل ويتهمهم) منذ ما قبل الثورة ومن ثم أثناء الثورة من تغطيتهم الدقيقة" للمظاهرات السلمية في دمشق وريفها وما كان يجري بعدها من اعتقالات بحق المتظاهرين في بيوتهم بعد انفضاض المظاهرة ونجاتهم من الاعتقال أثناءها، لكن على ما بدى لم يكن هناك من مشكلة لدى أعضاء الائتلاف مع هذه "القامات الوطنية" قياساً بما وصف رئيس الائتلاف خالد خوجة زميله لؤي حسين صاحب الموقف المعروف من الثورة وبالمديح الذي كيل من قبل أعضاء ائتلاف له قبل ذلك منذ بداية الثورة.
بعد فترة قصيرة من دخول بسام الملك الائتلاف بدعم من مرعي وكريدي، بقي بسام الملك في الائتلاف وفي القاهرة وفق السياسات المعهودة، بينما عاد مرعي وكريدي إلى دمشق ليبدآ مسيرة جديدة انتهت بتأسيس تجمع قادته كريدي إلى جانب مرعي كمعارضة تحت سقف المخابرات كانت جزأً من مؤتمر سوتشي وتجمع حميميم الروسي، وبات الاثنان ضيوفاً دائمين على وسائل إعلام النظام كـ "معارضة وطنية" كما كان يصفها، عدوها الأول هو الثورة السورية وكل ما يزعج نظام أسد، بينما كان زميلهما في الائتلاف "بسام الملك" ضيفاً معارضاً من القاهرة وفق معايير منصة القاهرة وهيئة التنسيق وسوتشي والجربا والقائمة طويلة من وأنظمة وأجهزة دول.
يحضرني هنا موقفان أسودان، لا أدري أأصنفهما في خانة الكوميديا أو التراجيديا، موقفان كانا منذ فترة ليست ببعيدة تلت كل إنجازاتها (مرعي وكريدي) وتأسيسهما تجمعها المعارض في الداخل، الموقف الأول كان عندما دخلت كريدي للمشفى بسبب وعكة صحية بسيطة جداً وإذ بي أرى بين المهنئين بالسلامة على صفحتها وصفحة مرعي في الفيس بوك بعضاً ممن يحسبون أنفسهم معارضين محسوبون على الائتلاف والثورة، أما الموقف الثاني فتمثل بتعزية هؤلاء لمرعي بمقتل ابن اخيه العسكري في الفرقة الرابعة حيث وعلى حد وصف مرعي "استشهد أثناء تأدية واجبه الوطني في الدفاع عن الوطن بوجه الإرهابيين" طبعاً في غوطة دمشق حيث كانت تجري المعارك يومها.
بالأمس رشح محمود مرعي نفسه لبرلمان نظام أسد بشعارات لم تختلف قيد أنملة عن شعارات مرشحي النظام الأسدي الرسميين في ما يسمى قائمة الجبهة الوطنية التقدمية، ومع ذلك لم يفز فخدماته لم تكن كافية كما يبدو بميزان مخابرات النظام الأسدي وربما تم تأجيل المكافأة لانتخابات قادمة .. ليبقى الثابت الوحيد المتمثل باستمرار الجميع في "صداقتهم" كل من موقعه: معارضين تحت سقف المخابرات الأسدية، ومعارضين من شخوص الائتلاف ممن بقوا أو خرجوا منه لفتح دكان آخر دون كلمة حقيقة أو جردة حساب مع النفس عن أدائهم .. لنصل إلى مشهد سيريالي لن تجده إلا في الحالة السورية:
قصة تجمع "سوريون أبو ثلاثة" ليست الوحيدة، فمثلها العديد وصل بعضها إلى حد مريع من الاختراق المدمر .. هي دائماً قصة أعضاء متقافزين (بالأمس وغداً) بين المعسكرين المتقابلين وأعضاء صامتين راضين أو مشاركين في ذلك وعلى هامشهم أتباعهم .. قصة بين برلمان معارضة الائتلاف المعين بجزء كبير منه بقرارات خارجية إلى برلمان أسد المعين مخابراتياً .. قصة سحق الحقيقة ومصالح الثورة والتضحيات الهائلة والقيم والأخلاق والوطنية والطهر تحت أقدام انتهازية لا تعرف حدوداً ولا قيماً سوى المصالح والطموحات السياسية والمالية الشخصية .. قصة حب عابرة للحدود السياسية.
فواز تللو / برلين – ألمانيا
مركز آفاق مشرقية
المادة المنشورة تعبر عن رأي الكاتب ولا يتبناها بالضرورة مركز آفاق مشرقية، ويتحمل الكاتب المسؤولية القانونية والعلمية لمضمون هذه المادة.